الأسهم السعودية ترتفع مدفوعة بتقرير التنافسية العالمية واستعادتها لقب أكبر مصدر للنفط في العالم
على الرغم من الفوضى الاقتصادية والأوضاع المتردية التي خلقها فيروس كورونا عندما اجتاح دول العالم وأزمة انهيار النفط التي خلفت الكثير من الخسائر، إلا أن المملكة العربية السعودية لم تنحي حيث كانت لديها قدرة فائقة على الصمود أمام تلك التحديات الصعبة وتعافت أسواق تداول الأسهم السعودية، وتمكن الاقتصاد السعودي من تسجيل رقم دولي جديد في التصنيف العالمي للقدرة التنافسية وارتفعت مرتبتين من المركز 26 إلى المركز 24 من أصل 63 دولة في تلك التصنيف، وذلك لأن المملكة العربية السعودية تتفوق على الكثير من الدول الأخرى بالاحتياطيات المالية الضخمة التي تمتلكها والمديونية المنخفضة.
ومن بين العوامل التي أدت إلى قفز المملكة في التصنيف حجم رؤوس الأموال الضخمة للسعودية في الأسواق العالمية التي يعود الفضل فيها إلى أسهم أرامكو المدرجة في أسواق الأسهم السعودية “تداول”.
كما تمكنت السعودية من استعادة مركزها كأكبر مصدر للنفط في العالم من الولايات المتحدة التي حظيت به العام الماضي، على الرغم من التقلبات الهائلة التي تعرضت لها الأسواق على مدار ثلاثة أشهر متتالية.
المعايير الأساسية للتصنيف
منذ خمس سنوات تقريبًا كانت المملكة العربية السعودية تُصنف ضمن العشرة الأوائل عالميًا في القدرة التنافسية ووصلت إلى المركز 26 لكنها حاليًا استطاعت الارتفاع مركزين لتصل إلى المركز 24.
ويعتبر الهدف الرئيسي من هذا التحليل هو معرفة قدرات الدول على التنافس مع غيرها في توفير بيئة خصبة للاستثمار محفزة للمستثمرين، والمحافظة عليها والعمل على تطوريها بشكل فعال، ويعد تقرير التنافسية العالمية من أهم التقارير المعنية بهذا الأمر وأكثرهم شمولية، حيث تتم مقارنة نحو 63 دولار استنادًا على أربعة ركائز أساسية هم الأداء الاقتصادي للدولة وقدرات الحكومة ومهاراتها ومدي صلابة ومتانة البنية التحتية وكفاءة الأعمال، ويتم قياس التصنيف تبعًا للبيانات الاقتصادية المتعلقة بالعام الماضي.
مما يعني أن قفز السعودية للتصنيف تم وضعه على أساس البيانات الاقتصادية لعام 2019 قبل انتشار فيروس كورونا، لكن استطلاعات الرأي المتفائلة لرجال الأعمال تمت بين شهري فبراير وأبريل هذا العام، على الرغم أن هذا التوقيت كانت المملكة العربية السعودية تتخذ إجراءات إغلاق قاسية للحد انتشار جائحة فيروس كورونا إلى جانب أزمة انهيار أسعار النفط.
تحديات تواجها السعودية
صرح مدير المعهد “أرتورو بريس” بأن التفوق السعودي في القدرة التنافسية جاء من استراتيجية رؤية 2030 التي تجعل اقتصاد المملكة أكثر تنافسية، لكنه حذر بريس من التحديات والمخاطر التي تواجهها هذا العام بما في ذلك الحاجة إلى رفع قدرتها التنافسية الإقليمية لتتماشي مع أهداف رؤية 2030.، خاصة أنه من المفترض أن تركز كل جهودها للعمل على تقليص الأضرار الاقتصادية الناجمة من فيروس كورونا.
وقد ألقي هذا التصنيف السنوي للقدرة التنافسية العالمية التابع للمعهد الدولي للتنمية الإدارية ومقره في سويسرا بظلاله على أسواق الأسهم في المملكة التي شهدت ارتفاعًا كبيرًا، مع تزايد اقبال المستثمرين على شراء الأسهم السعودية في ظل النظرة التفاؤلية حيال الديناميكيات الاقتصادية للسعودية واستقرار سياساتها والبنية التحتية الموثوق فيها، وشهدت الأسهم القيادية ارتفاعًا على خلفية هذا التصنيف حيث تقدم سهم أرامكو وسهم سابك وسهم بنك سامبا.
السعودية أكبر مصدر للنفط في العالم
بعد مرور ثلاثة أشهر من التقلبات العنيفة والخسائر الكبيرة في أسواق النفط استحوذت المملكة العربية السعودية على لقب أكبر مصدر للنفط في العالم من الولايات المتحدة التي كانت تستحوذ عليه العام الماضي.
ووفقًا للتقارير، عندما انهارت أسعار النفط في شهر نيسان/ أبريل بسبب التراجع الحاد في معدلات الطلب وحرب الأسعار، تداولت العقود الآجلة لخام غرب تكساس في المنطقة السلبية لأول مرة في تاريخها، وقتها ضخت المملكة العربية السعودية ما يقرب من 11 مليون برميل يوميًا مسجلة رقم قياسي بينما كان الانتاج الأمريكي حوالي 8.6 مليون برميل.
على الرغم من التوقعات الكئيبة لمعدلات نمو الطلب العالمي على النفط أثناء تفشي وباء فيروس كورونا، عززت السعودية وروسيا من انتاجها النفطي بعد خلاف معها حول تعميق تخفيضات مستويات الانتاج في اجتماع لأوبك بلس خلال شهر مارس، مما زاد من التوقعات التي أشارت إلى حدوث تراجع قياسي في أسعار النفط حتى عام 2025، الأمر الذي أجبر المنتجين في الولايات المتحدة بتخفيض مستويات انتاجهم.
ولكن مع بداية دخول الاتفاق التاريخي لأوبك بلس لتخفيض مستويات الانتاج حيز التنفيذ الفعلي في شهر آيار/ مايو تراجعت صادرات السعودية والولايات المتحدة، لكن المملكة كانت لا تزال في المقدمة.
وعلى الرغم من التزام المملكة العربية السعودية باتفاق تخفيض مستويات الانتاج إلا أنه من المرجح أن تظل المملكة في المقدمة كأكبر مصدر للنفط في العالم خلال هذا العام، ويعود الفضل إلى التراجع الكبير في الانتاج الأمريكي نتيجة تقليص عدد منصات الحفر وتقدم بعض الشركات طلبًا للإفلاس خاصة وأن عمليات انتاج النفط الصخري عالية التكلفة، لذلك من المتوقع أن نشهد انهيار في الحفر الصخري الذي سينتج عنه انخفاض في الانتاج الأمريكي بدلًا من نموه.
ويتميز الانتاج النفطي في المملكة العربية السعودية بتكاليفه المنخفضة أقل من 10 دولار للبرميل، وتعد التكلفة الرخيصة سببًا مؤثرًا بقوة في صناعة النفط السعودي، كما لديها قدرة احتياطية ضخمة لرفع مستوى انتاجها، النفط الروسي أيضًا يتمتع بهذه الميزة فتكلفة البرميل أقل من 20 دولار، لكن النفط الصخري الأمريكي تكلفته عالية تتعدي 40 دولار للبرميل، لذلك لا تستطيع صناعة الصخر الزيتي في الولايات المتحدة تحمل أسعار النفط المنخفضة الحالية.
يقول الخبراء أن تباطؤ الاقتصادي العالمي الناتج من آثار فيروس كورونا واستمرار ضعف الطلب على النفط في ظل ارتفاع المعروض من قبل دول أوبك يمكن أن يزيد من بقاء أسعار النفط في منحني منخفض، ومن المتوقع أن يتداول خام برنت بمتوسط عند 35 دولار للبرميل وخام غرب تكساس بمتوسط عند 32 دولار للبرميل خلال هذا العام حتى عام 2025.
قالت وكالة الطاقة الدولية في أحدث تقرير صادر لها أنها تتوقع أن يبلغ معدل الطلب على النفط في 2020 نحو 91.7 مليون برميل يوميًا بأكثر من التوقعات السابقة للوكالة بنحو 500 ألف برميل، وبالرغم من ذلك إلا أنه أكبر هبوط في الطلب في التاريخ، كما قالت أن الانتعاش الحقيقي للطلب على النفط سيكون في عام 2022 بسبب الانهيار الكارثي في صناعة الطيران والسفر.